فوراء كل كلمة منه حكمة بالغة، وسر من أسرار السماوات والأرض، وحقيقة من حقائق الحياة والمصير، ومفتاح من مفاتيح نفسك السائرة كرها نحو نهايتها. فتدبر .. إن فيه كل ما تريد، ألست تريد أن تكون من أهل الله؟ إذن؛ عليك بالقرآن، اجعله صاحبك ورفيقك طول حياتك؛ تكن من (أهل الله) كما في التعبير النبوي الصحيح، قال عليه الصلاة والسلام:(إن لله تعالى أهلين من الناس: أهل القرآن هم أهل الله، وخاصته)(١).
وأخيراً؛ فإن في كتاب الله آية عجيبة، تدلك على الطريق: كيف يبدأ، وكيف ينتهي؛ تدبر قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ}[الأعراف:١٧٠]. تمسيك بالكتاب أولاً: وهو الأخذ ببلاغاته بقوة، وإقامة للصلاة ثانيا: وهو إحسان أدائها والسير إلى الله عبر مواقيتها، ثم انطلاق إلى الإصلاح والدعوة إلى الخير. {إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ}[الأعراف:١٧٠]، تلك إذن المدارج الأولى للسالكين، كما سترى بحول الله عز وجل.
هذا غاية ما عندي يا صاح عن القرآن، فلا تغتر بما عندي؛ إنه لا يحدثك عن القرآن إلا القرآن؛ فتدبر .. اقرأه آية فآية، وتدبر .. ثم أبصر!
(١) رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: (٢١٦٥).