للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فكلما ازداد الكفار تعنتاً ازداد القرآن إفحاماً، في بيان تفاصيل الخلق، فتلك حجة الله البالغة إجمالاً وتفصيلاً.

تدبر معي هذه الآيات واحدةً واحدةً .. قال عز وجل في حق الكافر الذي أنكر البعث على محمد صلى الله عليه وسلم، فجاء بطحين عظام ميتة نخرة، ونفخ فيها فتطاير غبارها من يده، فاستهزأ متسائلاً بما حكاه عنه القرآن الكريم، قال: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ. قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ. الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ. أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس: ٧٨ - ٨١].

وتأمل كيف أن تلك كانت هي حجة موسى الذي صنعه الله على عينه، في رده على فرعون؛ إذ تعنت في إنكاره، قال عز وجل: {قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى. قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: ٤٩ - ٥٠]، إنه تعريف للربوبية ولحقوقها في عبارة من أوجز العبارات الربانية المسطورة في القرآن الكريم .. فتدبر .. {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:٥٠] ..

وجاءت الحجة الربانية في بيان الأطوار الوجودية للإنسان أيضاً في قوله تعالى: {قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ. مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ. مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ. ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ. ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ. ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ. كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} [عبس:١٧ - ٢٣].

<<  <   >  >>