هاتان آيتان كلِّيتان من القرآن العظيم، تعلق الأمر فيهما بالعبادة والتقوى، وما في معناهما من الانتظام في سلك العابدين، وفلك السائرين إلى الله رب العالمين، إثباتاً لحق الله من حيث هو خالق لشجرة البشر، ولا يفتأ القرآن يُذَكِّر بهذه الحقيقة، باعتبارها مبدأ كليّاً من مبادئ الدين والتدين، وأنها العلة الأولى منه، وذلك نحو قوله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:٥٦]. فكثيراً ما يردد الناس هذه الآية، ولكن قليلاً جدّاً ما يتدبرونها. إنها آية كونية عظمى .. إنها مفتاح من مفاتيح فهم القرآن العظيم، وباب من أبواب معرفة الربوبية العليا، تأمل قوله تعالى:{مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا. وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا}[نوح:١٤]، انظر كيف ربط حقه تعالى على عباده بمبدأ خلقهم أطواراً ..