له أزهار تملأ الأنوف عبيراً أخاذاً، وثماراً تملأ القلوب بهجة وجمالاً؟ كيف خرج عنقود العنب الطري الندي، من عود خشن وماء وطين؟ ثم كيف خرج الوليد من بطن أمه، من بعد ما تَخَلَّقَ بأمر الله من ماء مهين، ماء نكرهه فطرةً، ونغتسل منه، ماء وسِخ، وما حوله وسِخ، وطرائقه وسِخة، فخرج منه طفلاً أو طفلة تشع بالجمال وتتدفق بالحياة؟ عجباً، عجباً! تماماً كما أخرج الله اللبن من بين فرث ودم؛ شراباً صافي البياض لذيذاً. تدبر قوله عز وجل:{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ. وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[النحل:٦٦،٦٧] عجباً، عجباً! يا صاح، فتدبر ثم أبصر!
وهذه حقيقة قرآنية كبرى، تترتب عليها أمور كبيرة في حياة الإنسان، وجوداً وعدماً: ذلك أنه كلما نادى الله الناس في القرآن بالاستجابة لأمره التعبدي، ناداهم من حيث هو (خالقهم)، هكذا بهذه الصفة دائماً، وهو أمر مهم فيما نحن