البقرة:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. الَّذِي جَعَلَ لَكُم الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}[البقرة:٢١،٢٢]، أنت ترى أن الله جل جلاله يأمر الناس بعبادته بصفته خالقاً لهم:{اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ}[البقرة:٢٢]، ثم مكن لهم العيش في عالم هيئ أصالة لاستقبالهم:{الَّذِي جَعَلَ لَكُم الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ}[البقرة:٢٢]، فإنشاء كل هذا إنما هو (لكم) لا لغيركم. فالمستفيد منه بالقصد الأول إنما هم الخلق، والإنسان خاصة، وهناك تعبير صريح في القرآن عن هذا، وذلك قوله تعالى بُعَيد آيات في السورة نفسها:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[البقرة:٢٩]، ثم قال بعد مباشرة:{وَإذْ قَالَ ربُّكَ للمَلائِكَةِ إني جَاعِلٌ في الأرْضِ خَلِيفَةً}[البقرة:٣٠].
فخَلْقُ ما في الأرض جميعاً كان من أجل الإنسان بصريح عبارة القرآن، ثم كان خلق السماوات بناء فوق الأرض سقفاً لها، {سَقْفًا مَحْفُوظًا}[الأنبياء:٣٢]، وكان بعد ذلك خَلْقُ الإنسان، ثم سخر كل ما بينهما لخدمته:{أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}[لقمان:٢٠]، وقد مهدت له كل أسباب الحياة والعمران، إنه تدبير رحيم، وتكريم عظيم، لهذا الإنسان، من حيث هو إنسان، كما قال