للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور» (١).

قلت: إن جماع توحيد الربوبية يؤول إلى إثبات الأسماء والصفات لله رب العالمين، إثبات إيمان وتسليم، لا ينحرف به تأويل، ولا يزيغ به تعطيل، ولا يخرمه تشبيه أو تجسيم. فهو تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١]. فلا ينسب شيء من الخلق والتدبير في الكون إلا له سبحانه، وحده دون سواه، ولا يعتقد شيء من النفع والضر والعطاء والمنع والحياة والموت؛ يصل الكائنات من غيره تعالى، فكل الأسماء الحسنى والصفات العلى دلت على تفرده سبحانه بمقتضياتها من الفعل والأمر، لا دخل لأحد من خلقه في ذلك إلا بإذنه تعالى، تدبر -ثم تدبر- قوله عز وجل: {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَاخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة:٢٥٥].

ذلك هو توحيد الله في ربوبيته أي في مالكيته للكون وخالقيته له، وذلك هو المنطلق السليم، والأساس القويم لتوحيد الألوهية، كما ذكرنا، وبقدر تصفية ذلك يكون السير في طريق المعرفة الربانية، والرقي في مدارج الإيمان،


(١) رواه الترمذي والحاكم في المستدرك.

<<  <   >  >>