للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لأداء حق الخالقية، حيث إن توحيد العبودية، أو الألوهية كله لا يخرج عن معنى السير إلى الله رغباً ورهباً، من حيث إنه تعالى موصوف بصفات الكمال وأسماء الجمال، وبهذا السير تتحقق للعبد رتب المعرفة به تعالى، ويكتسب الجديد من منازل الإيمان، ومقامات الإحسان، سيراً في طريق عبادته تعالى على نهج السنة النبوية؛ استجابة لقوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتى يَاتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:٩٩].

وهنا نعود إلى حديث الأسماء الحسنى، حيث يتبين أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحصاها -أو من حفظها- دخل الجنة) إنما المقصود بالإحصاء (الحفظ) عينه، كما هو في صحيح البخاري في (باب إن لله مائة اسم إلا واحداً)، وقد ذهب أغلب العلماء -كما سترى بحول الله- إلى أن (الحفظ) هنا هو بمعنى حفظ المقتضيات من الأفعال والتصرفات، لا حفظ العبارات، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده اتجاهك» (١). والمقصود بحفظ المقتضيات: توقيع كل أعمالك وتصرفاتك بما تقتضيه دلالاتها من حدود والتزامات.

فمثلاً إذا انطلق العبد في طلب رزقه، واكتساب قوته فإنما يفعل ذلك باسمه تعالى: (الرزاق)، ومعناه أن يعتقد ألا رزق يصل إليه إلا ما كتب الله له، ثم ألا مانع له منه وقد


(١) رواه أحمد والترمذي والحاكم بسند صحيح. ن. صحيح الجامع الصغير: (٧٩٥٧).

<<  <   >  >>