للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأنت إذ ترى ما لا يرى الجهلة تستريح .. فقد عرفت أنما الكبرياء والجبروت لله الواحد القهار؛ فكانت بذلك أسماؤه الحسنى: الجبار والمتكبر والقهار، ونحوها من أسماء الجلال، برداً وسلاماً على قلوب عباده الصالحين، تبعث النور والجمال .. ولا عجب، فهي من (الأسماء الحسنى) حقّاً وصدقاً. و {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ} [آل عمران:٩٥] والله خير الصادقين.

وإنك حينما تذوق من معرفة الله لمعات وأنواراً؛ يتعلق قلبك بحبه؛ لأنك إنما تجد الجمال الحق في تلك المعرفة. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى جميل يحب الجمال» (١)، فمن ذاق؛ عرف، ومن عرف اشتاق. وليس عبثاً أن يكون ضمن السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله تعالى: (رجل قلبه معلق في المساجد) (٢). ولا يتعلق القلب إلا إذا أحب، ولا يحب إلا من شهد الجمال. وإنما ترى جمال الله جل جلاله في شعورك القوي بجمال خالقيته تعالى، وكمال قيوميته، وحسن إجابته، وكرم رعايته، وقرب رحمته وأنسه، فاقرأ الجمال في كلمات الله إذ يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:١٨٦].

إن العبد الذي أيقن بمعرفة الله، يفيض قلبه بالمحبة، محبة


(١) رواه مسلم.
(٢) متفق عليه.

<<  <   >  >>