وقد قال الله فيه:{وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا}[النساء:٢٨]، فكبرياؤه ذاك إنما هو صورة من ورق! إنه مرض نفسي، فهو تعبير عن الشعور بالنقص إزاء كمال حاوله فلم يصله، من الناحية الاجتماعية، أو المالية، أو السلطانية، أو أي جهة أخرى، فقد يكون الإنسان غنيّاً ذا ثروة طائلة، فإذا تكبر دل ذلك على نقص من جهة أخرى، ربما ظن أن ماله يغنيه من كل وجه، فلما أدرك أنه لا يسد له حقيقة الكمال؛ استكبر فطغى وتجبر وظلم! إنك أيها العبد المنتسب -بخضوعك وعبوديتك- إلى كبرياء الله الحق، تشعر أن الكبرياء الذي ينتحله الخلق كذب وافتراء، بل مرض يستحق صاحبه الحسرة والإشفاق! تماما كما تشفق على من ألقى بيده إلى التهلكة بالكفر والضلال، على غرار قوله تعالى:{يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ}[يس:٣٠]، فأما الجاهل فقد يرى الجبار من الناس أسداً يزأر في وجوه الخلق، وأما عبد الله فإنما يراه أسداً من ورق، أو دمية (كرتونية) تحكي لعبة الأسد، والمتكبر من الخلق هو أول من يشعر -في نفسه- بضعفه، وعجزه، وفشله في أن يندمج في المجتمع، ويتواضع أمام الخلق، وما أصدق قول الشاعر في هذا: