والثاني: من حيث كونه سبًا فقط، مع قطع النظير عن كونه كفرًا، وهذا المعنى لا شك أنه لا يذهب بالإسلام، ولكن ترتيب القتل عليه من جهة هذا المعنى يحتاج إلى دليل، والأدلة التي قدمناها ـ كقوله:"من سب نبيًا فاقتلوه" ـ وغيرها صحيح أنها تقتضي ترتيب الحكم على خصوص السب الخاص، ولكن في السب الخاص معنيان، أحدهما: كونه سبًا هو كفر يزول بالإسلام، والآخر: مطلق السب، وإذا كان في محل النص معنى معتبر لا يجوز إلغاؤه، ولا شك أن جهة كونه كفرًا معنى معتبر صالح لأن يكون علة أو جزء علة، فالإعراض عنه بالكلية وعله لمطلق السب يتوقف على دليل.
وهذا لا ينافي قولنا فيما تقدم: إن القتل لعلتين: إحداهما: عموم الردة، والثانية: خصوص السب، لأنا أردنا به السب الخاص الذي هو كفر، وهو مشتمل على المعنيين اللذين ذكرناهما هنا، وهما: جهة الكفر من حيث هو، وجهة السب من حيث هو، بحيث لو فرض عدم التكفير به اقتضى القتل، وهذا المعنى هو الذي يبقى أثره بعد الإسلام، ولا يتم البحث لمدعي القتل بعد الإسلام إلا بتقريره، وفي تقريره تسكب العبرات أو