[الفصل الخامس: في أنه لا تصح توبته مع بقائه على الكفر]
لا أعلم في ذلك خلافًا بين القائلين بقلته من المذاهب الثلاثة: المالكية والشافعية والحنبلية إلا ما أشار إليه كلام "الخلاصة"، وليس محققًا، بل غايته ـ إن ثبت ـ وجه ضعيف، ومثله في مذهب أحمد وجه مضطرب غير محقق، والمشهور الذي هو كالمقطوع به في المذهب أن توبته مع الكفر لا تفيد.
فإن قلت: أليس له انتقض عهده بالامتناع من الجزية ثم انقاد إليها مع بقائه على الكفر يجاب؟
قلت: الفرق بينهما أن مفسدة الامتناع عن أداء الجزية زال بأدائها والانقياد إليها، ومفسدة السب لا تزول بقوله:"إني تائب" مع كفره، ولا يعجز أحد من الكفار أن يفعل ذلك في كل وقت ويتخذ ذلك ذريعة وملعبة بالمسلمين وإغاظة لقلوبهم، وللطعن في الدين وإغراء غيره من الكفار أن يفعل كفعله، ولا يردهم عن ذلك إلا السيف.