ويعصمني من الزيغ والهوى، ويحفظ قلبي ولساني وقلمي في هذا المقام العظيم عن الخطأ في حكمه، إنه على كل شيء قدير، لا عاصم إلا هو، فأقول وبالله التوفيق:
إن من ظهرت قرائن تدل على حسن سريرته وصفاء باطنه ومعاملته مع الله تعالى وإخلاصه وندمه وإقلاعه على ما فرط منه فلا شك عندي في سقوط القتل عنه للأدلة التي قدمتها.
وحق الآدمي في هذا المقام لما كان لأشرف الآدميين بل لأشرف الخلق وأكرمهم على الله؛ والجناية عليه جناية على الله باعتبار صفة النبوة والرسالة التي هي أخص من/ البشرية، ولذلك كانت عقوبتها القتل بخلاف غيره من البشر؛ وكان هذا البشر الذي هو سيد ولد آدم لم ينتقم لنفسه قط، ولا يلاحظ بهمته العلية إلا حق الله تعالى: كان حقه في القتل تابعًا لحق الله تعالى في الثبوت والسقوط، فإذا سقط حق الله بالإسلام سقط الآخر تبعًا كما ثبت تبعًا.
وهكذا إذا لم تقم قرائن تدل القاضي على ذلك، ولكن علم الله من حال هذا الشخص ذلك، فحكمه عند الله هذا وإن لم نطلع نحن عليه، بل هو يعرف من نفسه ذلك، ونعلم أنه ليس كمن علم من نفسه أنه زنى وهو محصن، أو قتل ولم يطلع القاضي ولا أولياء المقتول عليه، فإن دمه مستحق مع إسلامه، أما في مسألتنا فالقتل ساقط عنه فيما بينه وبين الله، بخلاف الزاني والقاتل، وكذلك عند القاضي إذا دلت قرائن على صدقه.
أما من لم تقم قرائن على صدقه وقد أتى به إلى القاضي الذي لا يعلم باطن حاله ولا ما في قلبه فهذه فيها شبه من مسالة الزنديق من جهة أن سبه