للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد أقمت برهة من الدهر متوقفًا في قبول توبته مائلاً إلى عدم قبولها لما قدمته من حكاية الفارسي الإجماع، ولما يقال من التعليل بحق الآدمي، حتى كان الآن نظرت في المسألة حق النظر، واستوفيت الفكر، فكان هذا منتهى نظري، فإن كان صوابًا فمن الله، وإن كان خطأ فمني، والله ورسوله بريء منه، ولكنا متعبدون بما وصل إليه علمنا وفهمنا.

اللهم إنك تعلم أن هذا الذي وصل إليه علمي وفهمي لم أحاب فيه أحدًا، ولا قلدت فيه إمامًا غير ما فهمته من نفس شريعتك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم وأخلاقه ومكارمه ورحمته وشفقته ورأفته، فلم يحصل لنا خير في الدنيا ولا في الأخرة إلا منه، والله يختم لنا بخير في عافية بلا محنة، وكذلك آباؤنا وأمهاتنا وأولادنا وأهلونا، بمنه وكرمه إنه قريب مجيب.

فإن قلت: قد قدمت أن في حديث أبي بكر ما يدل على أنه يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل من أغضبه، بل سأله أبو داود أحمد بن حنبل عن حديث أبي بكر فقال أحمد: "لم يكن لأبي بكر أن يقتل رجلاً إلا بإحدى الثلاث التي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفر بعد إيمان، وزنًا بعد إحصان، وقتل نفس بغير نفس، والنبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يقتل"، فإن كان مراد أحمد: كان له أن يقتل من أغضبه، فهو الذي قلته، وإن كان مراده كان له أن يقتل بغير الثلاثة وذلك من خصائصه بمعنى أن له أن يأمر بقتل من لا يعلم الناس له شيئًا يبيح دمه وعلى الناس أن يطيعوه في ذلك لأنه لا يأمر/ إلا بما أمر الله

<<  <   >  >>