وبقية قضايا الصحابة تدل على الجواز لا على الوجوب، نعم لا شك في استحبابها، وإذا كنا نقول في الكافر الأصلي الذي بلغته الدعوة وعلم القتال: يجوز اغتياله، فهذا أولى، لأن شبهته أضعف، وعلمه بتوجه القتل عليه أتم، وكفره أغلظ.
ولهذا إذا تعارض قتال المرتدين وقتال الكفار الأصليين بدأنا بقتال المرتدين، نص عليه الشافعي والأصحاب، ونقل الشيخ أبو حامد الإجماع عليه.
هذا حكم استتابة المرتد غير الساب، والساب قد علمت أن القاضي عياض بن موسى قال: إنه مثله، وكذلك يقتضيه كلام أصحابنا وغيرهم.
ويمكن أن يقال إنه أولى بعدم الاستتابة لما تقدم أن كفره أغلظ وأفحش ولا شبهة فيه، وربما يؤيد ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستتب ابن خطل ومقيس بن صبابة وابن أبي سرح ومن أهدر دمه معهم ذلك اليوم.
ولا يقال بأنه لا يستتاب إلا من هو في قبضة الإمام وهؤلاء التحقوا بدار الحرب، لأنا نقول: قد نص أصحابنا أن المرتدين إذا اجتمعوا وكانت لهم شوكة يقاتلون، فإذا قدر عليهم استتيبوا، وهؤلاء قدر عليهم بفتح مكة، وقد حضر إليه ابن أبي سرح.