قال القاضي عياض: ما ذكره ابن سحنون عن نفسه وأبيه مخالف لقول ابن القاسم فيما خفف عقوبتهم فيه مما به كفروا فتأمله، ويدل على أنه خلاف ما روي عن المدنيين في ذلك، فحكى أبو المصعب الزهري قال: أتيت بنصراني قال: والذي اصطفى عيسى على محمد، فاختلف علي فيه، فضربته حتى قتلته أو عاش يومًا وليلة، وأمرت من جر برجله وطرح على مزبلة فأكلته الكلاب.
وسئل أبو المصعب عن نصراني قال: عيسى خلق محمدًا، فقال: يقتل. وقال ابن القاسم: سألنا مالكًا عن نصراني بمصر شهد عليه أنه قال: مسكين محمد، يخبركم أنه في الجنة، فهو الآن في الجنة؟! ما له لم ينفع نفسه إذ كانت الكلاب تأكل ساقيه، لو قتلوه استراح الناس منه، قال مالك: أرى أن تضرب عنقه. قال: ولقد كدت ألا أتكلم فيها ثم رأيت أنه لا يسمعني الصمت.
قال ابن كنانة في "المبسوط": من شتم النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى فأرى للإمام أن يحرقه بالنار، وإن شاء قتله ثم حرق جثته، وإن شاء أحرقه بالنار حيًا إذا تهافتوا في سبه، ولقد كتب إلى مالك [من] مصر ـ وذكر مسألة ابن القاسم المتقدمة ـ قال: فأمرني مالك فكتبت بأن يقتل وأن تضرب عنقه، ثم قلت: يا أبا عبد الله وأكتب: ثم يحرق بالنار؟ فقال: إنه لحقيق بذلك وما أولاه به، فكتبته بيدي بين يديه فما أنكره ولا عابه، ونفذت الصحيفة بذلك، فقتل وحرق.