للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا التصريح من أقبح ما يقع للمصنفين، ويجب على المصنف أن يحافظ على أنه لا يصرح بمقتضى لفظ محتمل إلا إذا تتبع أصوله وعرف صحته، وإلا فيأتي به على وجهه، ومتى لم يفعل ذلك كان غير مؤد للأمانة، ولا قائم بالإرشاد للخلق، وكل هذه الفهوم أصلها بحث القاضي أبي الطيب مع الفارسي، وقد بينا أنه ليس بنقل صريح، ولا دليل صحيح، ويعقوب بن أبي عصرون هذا ليس بعمدة، وإذا كان خفي على من هو أكبر منه فهو بطريق الأولى.

وقال الرافعي رحمه الله بعد أن حكى الخلاف في انتقاض العهد، قال:

"وفي "الشامل" وغيره أن أبا بكر الفارسي قال: من شتم منهم النبي صلى الله عليه وسلم قتل حدًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قتل ابن خطل والقينتين ولم يؤمنهم. وزيفوه وقالوا: إنهم كانوا مشركين لا أمان لهم".

قلت: وقد سبق تزييف هذا التزييف، وقد أدى الرافعي رحمه الله الأمانة في النقل على صورته، ولم يذكره هو وغيره إلا في ضمن الكلام على انتقاض العهد، وكأنهم يريدون أن هؤلاء مشركون لم يكن لهم عهد، وهذا صحيح/ في بعضهم، مثل القينتين ومثل الحويرث بن نقيد، ولكنا نقول: إذا جاز قتل الحربي والمرأة اللذين لا أمان لهم بالسب فلأن يقتل الذمي أولى.

<<  <   >  >>