" .. إن مذهب الشافعي أن المعاهد إذا طعن في الدين وجاهر بسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يحل قتله وقتاله، وإن أبا حنيفة قال: إن مجرد الطعن في الدين لا ينقض العهد". قال:"ولا شك أن دلالة الآية قوية في تحقيق ما قاله الشافعي". هذا كلام إلكيا رحمه الله.
فقد ثبت التصريح بقتل الساب الذمي من كلام الشافعي، وابن المنذر، والخطابي، والشيخ أبي حامد، والمحاملي، وسليم الرازي، ونصر المقدسي، وإلكيا، والغزالي ونسبته إياه إلى المذهب، وأبي بكر الفارسي وحكايته الإجماع فيه، وأبي بكر القفال على ما نقل الإمام أنه وافقه، وإن كان الإمام ذكره في المسلم، وإن كان الغزالي خالف إمامه في النقل، فنقل عن القفال موافقة الصيدلاني وعن القاضي حسين موافقة الفارسي، واعتماد نقل الإمام أولى.
ولم نجد أحدًا قط من أصحاب الشافعي يتحقق منه أنه يقول: لا يجب عليه القتل، إلا ما ذكرناه من ألفاظ لا صريحة ولا ظاهرة.
ثم لو ثبت ذلك عن أحد من الأصحاب كان نص إمامه الذي حكيناه رادًا عليه، والأدلة التي سنذكرها أيضًا، وكل من توهم خلافًا في هذه المسألة إنما حمله عليه كلام الرافعي، والرافعي تبع أتباع القاضي أبي الطيب، وقد تكملنا على كلامه وبينا الاحتمالات التي فيه.
ثم لو صرح القاضي أبو الطيب: أهو أحق أن يتبع أم الشافعي والدليل؟!
وأما الإشارة التي ذكرناها عن "الخلاصة" فقد أجبنا عنها بحمد الله تعالى.