المسلمين شركهم وقولهم في عزير وعيسى، فإن وجدهم فعلوا بعد التقدم إليهم عاقبهم على ذلك عقوبة لا تبلغ حدًا".
ثم ذكر الشافعي الشروط كلها ولم يذكر في شيء منها أنهم إذا فعلوه كان نقضًا للعهد، وذكر قطع الطريق وغيره ولم يذكر الزنا بالمسلمة في هذا الباب، فانظر كيف لم ينص على الانتقاض إلا في ذكر الرسول والطعن في الدين، وهو يدل لأبي إسحاق في أنه لا بد من شرطه، وفي أن بالمخالفة ينقض العهد.
وقال في باب ما أحدث أهل الذمة الموادعون مما لا يكون نقضًا:
"إذا أخذت الجزية من قوم فقطع قوم منهم الطريق أو قاتلوا رجلاً مسلمًا فضربوه، أو ظلموا مسلمًا أو معاهدًا، أو زنا منهم زانٍ أو أظهر فسادًا في مسلم أو معاهد: حد فيما فيه الحد، وعوقب عقوبة منكلة فيما فيه عقوبة، ولم يقتل إلا بأن يجب عليه القتل، ولم يكن هذا نقضًا للعهد يحل دمه، ولا يكون النقض للعهد إلا بمنع الجزية أو الحكم بعد الإقرار والامتناع بذلك".
وهذا الكلام من الشافعي يحتمل أن يكون محله إذا لم يشرط، ويدل له أنه في هذا الباب لم يذكر شرطًا وإنما ذكر الموادعة وإعطاء الجزية، فيصح الكلام حينئذ، وليس فيه تعرض لما إذا ذكروا الله ورسوله بسوء، فمن أين يؤخذ أنه لا ينتقض عهدهم بذلك لا عند الشرط ولا عند عدمه؟!