فهذا/ من عمر بمحضر المهاجرين والأنصار من غير إنكار يدل على أن الاعتراض في الدين موجب للقتل وانتقاض العهد، فالسب أولى بذلك.
وروى حرب في "مسائله" عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال: أتي عمر برجل سب النبي صلى الله عليه وسلم، فقتله، ثم قال عمر:"من سب الله أو سب أحدًا من الأنبياء فاقتلوه".
قال ليث: وحدثني عن ابن عباس قال: "أيما مسلم سب الله أو سب أحدًا من الأنبياء فقد كذب برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي ردة، يستتاب، فإن رجع وإلا قتل، وإيما معاهد عاند فسب الله أو سب أحدًا من الأنبياء أو جهر به فقد نقض العهد فاقتلوه".
فإن قلت: لم لا قتل عمر ذلك النبطي؟
قلت: لأن الكلام الذي قاله قد يكون قاله على سبيل الجهل ولم يقصد به الطعن في الدين، فكثير من الجهال يقع في ذلك، فأراد عمر أن يبين له ذلك، حتى إن عاد وهو يعلم أنه طعن في الدين انتقض عهده.
وقول ابن عمر في راهب قيل له إنه يسب النبي صلى الله عليه وسلم:"لو سمعته لقتلته، إنا لم نعطهم الذمة على أن يسبوا نبينا"؛ فهذا وغيره من كلام الصحابة يدل على أن عليهم من الشروط أن لا يذكروا نبينا صلى الله عليه وسلم بسوء، فمن خالف ذلك فقد خالف شرط الذمة، فلا ذمة له.