وحاصله: أن الأدلة الدالة على قتله تدل على أن قتله إما حد وإما لغلظ كفره بحيث لا يصح فيه الاسترقاق والمن والمفاداة، ومثل هذا لا يلحق بالمأمن ولا يتخير فيه.
ولهذا إن العلماء رضي الله عنهم الذين قالوه بالإلحاق بالمأمن أو بالتخيير قالوا في هذه الصورة بالقتل من غير التفات إلى غيره، هذا كلام أهل المذاهب الثلاثة، فكان كلامهم في هذه المسألة الخاصة قاضيًا على إطلاقهم في غيرها، ومنبها على المأخذ، وهو إما غلظ الكفر جدًا بحيث لا جزاء له إلا القتل، وإما مراعاة خصوص السب، والفرق بين المأخذين أن على المأخذ الأول يكون خصوص السب جزء علة، والجزء الآخر الكفر، ففي المسلم: الردة مع السب، وفي الذمي الكفر الأصلي مع السب.
وعلى المأخذ الثاني: خصوص السب وحده هو العلة في الموضعين، حتى لو أمكن تجرده عن الكفر لاقتضى القتل، وقد أشرت إلى شيء من هذا البحث في المسألة الأولى من الفصل الثاني من الباب الأول في أواخرها.
وعلى المأخذين يصح القول بوجوب قتله قبل الإسلام سواء أقلنا انتقض عهده أم لا، ولا يدخل في قوله:"من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة"،