وذكر الواقدي في قصة ابن الأشرف أنه لما قدم خبر بدر قال كعب بن الأشرف لقومه: ويلكم! والله لبطن الأرض خير لكم من ظهرها اليوم! هؤلاء سراة الناس قد قتلوا وأسروا، فما عندكم؟ قالوا: عداوته ما حيينا.
وهذا يدل على أنهم نقضوا معه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه".
فهذه قصة كعب بن الأشرف اختصرناها من متفرقات كلام الناس.
وقيل: إن المشركين لما سألوا ابن الأشرف قال: دينكم خير وأقدم، ودين محمد حديث. وإنه اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم وقال: لا أعين عليه. فإن صح هذا كان أولى في الاستدلال، وإن لم يصح فالاستدلال بغيره صحيح، وقد ذكره البيهقي في "دلائل النبوة" من حديث جابر بن عبد الله قال: لما كان من أمر النبي صلى الله عليه وسلم ما كان اعتزل كعب بن الأشرف ولحق بمكة، وكان بها وقال: لا أعين عليه ولا أقاتله.
وفي "دلائل النبوة" أن محمد بن مسلمة وأصحابه أتوا كعب بن الأشرف عشية وهو في مجلسه بالعوالي.
وقيل: إن الكتاب الذي وادع فيه اليهود كلها كان لما قدم المدينة قبل بدر، ولعل هذا هو الذي أشار إليه الشافعي، ويكون الكتاب الذي ذكرناه عن الواقدي كتابًا ثانيًا جدده بعد قتل ابن الأشرف.