التشبيب بالمسلمات، ورثاؤه لقتلى المشركين؛ ومثل ذلك لو صدر من أسير لتعنت المصلحة في اختيار قتله، فإن الاسترقاق فيه لا يفيد، والمن عليه والمفاداة به يزيد سرًا، وإلحاقه بدار الحرب ـ مع ما علم منه ـ أشد، فلم يبق إلا قتله كما يقتل الأسير على جهة أنه اختيار لأحد الخصال لتعين المصلحة فيها، ويكون القتل حينئذ لأجل الكفر.
فقتل كعب يحتمل أن يكون لهذا المعنى، ويحتمل أن يكون لخصوص السب حدًا، وإذا كان لخصوص السب فيحتمل أن يكون مع انتقاض عهده، ويحتمل أن يكون بدونه. فهذه ثلاثة احتمالات في قتل كعب مع القطع بأنه جائز حلال:
أحدها: أن لا يكون انتقض عهده، وقتل للسب.
والثاني: أن يكون انتقض عهده، وقتل للسب أيضًا لاستحقاقه بالسب المتقدم كما يرجم بالزنا المتقدم قبل انتقاض/ العقد، كحاله لو كان ذميًا.
الثالث: أن يكون انتقض عهده، وقتل للكفر كما شرحناه أولاً.
ولا يتجاوز أمر كعب هذه الاحتمالات الثلاثة، والاحتمال الأول مخالف لما قاله الشافعي والخطابي وغيره من المحدثين وأهل السير، ولكنه يحتمل أن يقول به قائل.
ويحمل قول من صرح بأن كعبًا نقض العهد على أن هذا العالم يرى ذلك فروى على ما رأى، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يصرح ولا ذكر ما يدل على نقض العهد، فلعل قتله للسب مع بقاء العهد، ولا شك أن هذا محتمل، لكن يبعده قيام الدليل على أن صدور مثل هذه الأشياء يوجب انتقاض العهد، فلا وجه للقول بأن كعبًا لم ينتقض عهده.