الساب وهو إن كان حق آدمي فمثل المحاربة، وإن كان حق الله تعالى فمثل حد الزنا؟
قلت: حق القطع في السرقة وحق المحاربة وحد الزنا كلها أمور جزئية فروعية، وأما سب الله ورسوله والقرآن فإنه طعن في الدين، فلا يلزم من عدم إقامة الحد في حقوق الله ـ التي هي من فروع الشريعة ـ عدم إقامته في التعرض لأصل الدين، وقد قال تعالى:(وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر)[التوبة: ١٢]، فلا يجوز الصبر على السب كما لا يجوز الصبر على الطعن في الدين، فلا شك أن السب موجب لاستحقاق القتل من كل من صدر منه معاهدًا كان أو مستأمنًا أو غيره لما فيه من الطعن في الدين وضرر المسلمين كلهم، وما فيه من غيظ قلوب جميع المؤمنين والتجري على أنبياء الله تعالى بالنقيصة التي تؤثر في قلوب أهل الزيغ، فأين هذا من الزنا والسرقة والمحاربة التي هي أمور مختصة ببعض الآحاد؛ بل أين هو من الكفر الذي ضرره على صاحبه ولا فيه ثلم عرض أنبياء الله تعالى وإدخال الريب على القلوب الضعيفة؟!
وإذا ثبت أن السب موجب لاستحقاق القتل في المعاهد والحربي ففي الذمي أولى لالتزامه الأحكام.
وبه ظهر احتجاج الشافعي بقصة كعب بن الأشرف وإن لم يكن ذميًا ولا كان له ذمة قط، فإن يهود المدينة وما حولها لم يكن عليهم جزية،