وأما السب فلا يعلم عصر من الأعصار جاز التقرير عليه ـ فضلاً عن وجوب التقرير عليه ـ واحتمال هذا الضيم العظيم، فالقول بأنه لا يجوز قتل الساب من أهل الذمة في غاية الفساد والبعد عن نفس الشريعة وسير النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة.
وقد يقول قائل: كيف يحتج بهذه القصص التي يذكرها أهل السير ـ مثل الواقدي وغيره ـ ولم يرد بها حديث صحيح؟
فاعلم أن المقصود تأكيد الأدلة، وقد ذكرنا الحديث الصحيح أولاً، وبانضمام هذه الأمور إليه يزداد تأكيدًا، بل الأمور التي ينفرد بها أهل السير إذا اشتهرت وعرفت في بعض الأوقات تكون أقوى من الحديث الذي ينفرد به ثقة، والواقدي إمام أهل السير بلا مدافعة، منه تستفاد وإن كان فيه كلام كثير، ربما حمل عليه كونه يجمع الأسانيد الكثيرة ورواياتها في لفظ واحد يقصد به الجمع والاختصار، فكثير الكلام فيه لذلك، وأما علمه فلا منازعة فيه، وإذا/ ذكر قصة وشرحها تقوى بها ورودها من جهة غيره، وتبين الحال فيها، والأحاديث الضعيفة إذا اجتمعت قربت من رتبة الاحتجاج أو وصلت، فكيف إذا كان معها صحيح؟! فكيف إذا اتفقت السير عليها؟!