ولو لم نقتلهم بما يعتقدونه لما أمكن القتل بالسب أصلاً، لأنهم يمكنهم دعواه/ في كل سب أنه معتقدهم.
وملاحظة الفرق بين ما يعتقدونه وغيره يجر إلى موافقة أهل الرأي في أن العهد لا ينتقض بشيء من السب، فالأولى موافقة الجمهور والتسوية بين ما يعتقدونه وغيره، لكن بشرط أن يسمى سبًا، وهو أمر يرجع فيه إلى العرف، فإن كل ما ليس له حد في الشرع ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف والعادة، فما عدة أهل العرف سبًا قلنا هو سب، وما لا فلا.
ولا بد من ذكر جزئيات تبين للفقيه ما يعتمده فيها، وينشأ له منها قاعدة كلية يحكم فيها، وإن الكلام في ذلك أو إجراءة على اللسان على سبيل الحكاية وتصوره بالقلب لشديد، ولكن الضرورة تلجئ إلى بيان الأحكام، فنذكره لا في محل خاص، بل نتكلم في السب مطلقًا من غير تعيين المسبوب، والفقيه يأخذ حظه منه، فنقول:
السب نوعان: دعاء وخبر، فالدعاء: باللعن، والخزي، والقبح، وعدم الرحمة والرضوان، وقطع الدابر، وعدم الصلاة والتسليم ورفع الذكر، ونحو ذلك كله سب، سواء أصدر من مسلم أم من كافر، ولا فرق في المسلم بين أن يخفيه وتقوم البينة عليه أو يظهره.