ومن المعلوم أن (محمدًا) مبالغة في كونه محمودًا واشتماله على صفات الخير، و (أحمد) مبالغة في كونه حامدًا لله تعالى، فلا أحمد لله تعالى منه.
ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم القرآن، وهو أعظم المعجزات، وهو مشتمل على أكثر من سبعين ألف معجزة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تحدى بسورة منه، وأقصر السور:(إنا أعطيناك الكوثر)، فكل آية أو آيات منه بعددها معجزة.
ثم فيها نفسها معجزات من جهات حسن تأليفه والتئام كلمه، وفصاحته ووجوه إيجازه وبلاغته الخارقة عادة العرب الفصحاء، وصورة نظمه العجيب، والأسلوب الغريب الذي حارت فيه عقولهم، وتدلهت دونه أحلامهم، وما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات، وما أنبأ به من أخبار القرون السالفة، والشرائع القديمة، مما كان لا يعلم منه/ القصة الواحدة إلا الفذ من آحاد أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك، فيورده النبي صلى الله عليه وسلم على وجهه، ويأتي به على نصه.
فهذه أربعة أنواع من الإعجاز في ذلك العدد الكبير، فلا يعلم قدر ما في القرآن من المعجزات إلا الله تعالى، مع بقائه على ممر الدهر يشاهده ويسمعه المتأخرون كما شاهده وسمعه الأولون، لا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، وهو متواتر مقطوع به في أقصى درجات التواتر، ما من بلد من البلاد إلا وفيها من شيوخها وكهولها وصبياتها من حملته عدد لا يعلمهم إلا الله، وما فيه مما تحدي به من الأمور الخاصة يعجز عنه المخاطبون، وما يحصل في قلوب سامعيه من الهيبة والروع والخشية، وتيسير حفظه، والأمن من تغييره، ولو شرحنا هذه المعاني كان مجلدات.