قلنا: نحن وإن أثبتنا له حكم الكافر في القتل فلا نقطع عليه بذلك لإقراره بالتوحيد والنبوة وإنكاره ما شهد به عليه، أو زعمه أن ذلك كان منه وهلا ومعصية وأنه مقلع عن ذلك نادم عليه، ولا يمتنع إثبات بعض أحكام الكفر على بعض الأشخاص وإن لم يثبت له خصائصه، كقتل تارك الصلاة.
وأما من علم أنه سبه معتقدًا لاستحلاله فلا شك في كفره، وكذلك إن كان سبه في نفسه كفرا كتكذيبه أو تكفيره ونحوه فهذا ما لا إشكال فيه، ويقتل وإن تاب منه، لأنا لا نقبل توبته ونقتله بعد التوبة حدًا [لقوله] ومتقدم كفره، وأمره بعد إلى الله، المطلع على صحة إقلاعه، العالم بسريرته، وكذلك من لم يظهر التوبة واعترف بما شهد به عليه وصمم عليه فهذا كافر بقوله واستحلاله هتك حرمة الله وحرمة نبيه يقتل كافرًا بلا خلاف، فعلى هذه التفصيلات حمل كلام العلماء.
هذا كلام القاضي أبي الفضل عياض رحمه الله في كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى"، وقد تضمن إشارة إلى أن عدم قبول توبته مبني على أنه حد، وقبولها مبني على أنه ردة، وقد بينا أن هذا البناء لا يحتاج إليه، والصواب أن يذكر الحكم المذكور واختلاف العلماء فيه من غير بناء.