للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قلت: قد ورد أن عثمان قال للنبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في ابن أبي سرح: إنه يفر منك كلما لقيك، قال: "ألم أبايعك وأؤمنه؟ " قال: بلى، ولكنه يتذكر عظيم جرمه في الإسلام، فقال: "الإسلام يجب ما قبله". فهذا يبين أن خوف القتل سقط بالبيعة والأمان، وأن الإثم زال بالإسلام.

قلت: بل فيه بيان أن الكل زال بالإسلام، ودفع لما توهمه ابن أبي سرح من بقاء الإثم.

فإن قلت: إن صح أن ابن أبي سرح أسلم قبل ذلك الوقت هل يكون فيه دليل على عدم قبول التوبة وأن القتل متحتم؟

قلت: لا، لأمرين:

أحدهما: ما أشرنا إليه أنه يجوز أن يكون في ذلك الوقت كان يشترط في الإسلام قبول النبي صلى الله عليه وسلم له ومبايعته، بخلاف ما بعد النبي صلى الله عليه وسلم، والفرق أن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ينزل ويطلعه الله على ما لم يطلع عليه غيره.

الثاني: أن فيما قدمناه من حديث أبي بكر ما يقتضي أن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل من أغضبه، فقد يكون هذا الحكم يستمر ما دام الغضب موجودًا، فإذا رضي زال وإن لم يتوقف على لفظ العفو، ولا القتل على لفظ السب، بل يدور مع الغضب وجودًا وعدمًا.

<<  <   >  >>