ومتى: اسم غير متمكن بإجماع النحويين، وهو ظرف زمان. والدليل على أنه اسم أنه يجوز إدخال الجر عليه. ألا ترى أنك تقول: مذ متى، ومنْ متى، وحتى متى، وإلى متى؟ فهذا دليل واضح.
ودليل آخر: لو قال قائل: متى الخروج؟ قلت: يوم الجمعة؛ فيوم الجمعة اسم، فلو كان متى حرفاً لما جاز أن يكون الجواب اسماً لأن الاسم يكون جواباً للاسم، والظرف للظرف، والحرف للحرف، ولا يدخل هذا في هذا.
ودليل آخر: أن الحرف مع الاسم لا يكون تحتهما فائدة، نحو قولك: في الدار، وسكت. فلو كان متى حرفاً لما جاز: متى الخروج؟ وسكت. فلما جاز ذلك قلنا: إنه اسم، لأن الاسم مع الاسم تحصل تحتهما فائدة.
مسألة
سئل الشيخ أبو الحسن أحمد بن إبراهيم المتلعثم عن قول الشماخ:
متى ما تقع أرساغه مطمئنة ... على حجر يرفض أو يتدحرج
قال: جزم تقع بالشرط، وموضع يرفض مجزوم بالجزاء ولكنه لما كان حرفا ثقيلاً، وهو الذي يسميه النحويون المضعَّف المشدد، وهذه الضاد حرفان لأن الحرف الثقيل يُعد حرفين: الأول ساكن، والآخر متحرك، ومتى اعتبرت ذلك وجدته صحيحاً. ألا ترى أنك إذا جعلت الفعل لنفسك، وكان ماضياً قلت: ارفضضت وانتضضْتُ واسودَدْتُ، فيصير الحرف الواحد حرفين، ويزول الإدغام؟ فلما كان حرفين: أولهما ساكن، وسكن الثاني بالجزم، قد احتاج اللسان إلى الإدراج، وأن يصل هذا الحرف بكلام، فاحتاجوا إلى حركة أوقعوها عليه ليكون