للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفرَّق بعض بينهما، فقال: الروح الذي به الحياة، والنفس التي بها العقل، فإذا نام النائم قبض الله نفسه دون روحه، والروح لا يقبض إلا عند الموت. وعن ابن جريج قال: في الإنسان نفس وروح. وبينهما حاجز، فالله يقبض النفس عند النوم ثم يردها إلى الجسد عند الانتباه. فإذا أراد إماتة العبد في نومه لم يرُدَّ النفس، وقبض معها الروح؛ يرفعه عن ابن عباس: يتوفى: ينيم، وقيل: هو من الموت. واختار ابن الأنباري أن يكون من النوم، لقوله تعالى: {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، ولقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ}. قال ابن عباس: كل نفس لها سبب تجري فيه، فإذا قضي عليها الموت نامت حتى ينقطع السبب، وما لم يقض عليها الموت تترك.

والنفس عند العرب على وجوه: فالنفس التي بها الحياة؛ يقال: خرجت نفسه إذا مات، ورجعت إليه نفسه بعد الغُشي والفرق. والنفس: الإنسان بعينه، ومنه قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يعني آدم عليه السلام؛ {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} أي يقتل بعضكم بعضاً؛ وكذا كل ما في القرآن على هذا المعنى.

ونفس الشيء: ذاته وعينه، ومنه قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ}. قال مجاهد: يحذركم اللهُ اللهَ؛ قال غيره: يحذرك الله إياه. الكلبي والحسن: يحذركم الله عقوبته. وقوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} أي تعلم ما في ضميري ولا أعلم ما في علمك. وقيل: لا أطَّلع على غيبك؛ وقيل: لا أعلم غيبك. قال المبرد: تعلم ما لا أعلم ولا أعلَمُ ما تعلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>