وتشبيه الشيء بالشيء هو: أن تجمعهما صفة أو لون أو علة، إلا أنه ليس الشيء بعينه؛ لأنه لو كان هو الشيء بعينه لبطل التشبيه، [ولكان الشيئان شيئاً واحداً، ومحال أن يكون الواحد شيئيين، أو الشيئان شيئاً واحداً، وإنما صحة التشبيه] بالمقارنة لعلة من العلل؛ ألا ترى إلى قوله تعالى في صفة الحُور:{كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} و {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} و {إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنثُوراً}؟ فقد شبه، تعالى، ما هو لحم بالحجارة، كما شبَّه الماء بالجبال، فقال تعالى:{وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ}، لما جمعهما علة اللون والارتفاع.
وللعرب التشبيه الحسن المصيب بألطف عبارة وأقرب معنى. [وما] تركت شيئاً إلا وقد شبَّهته، فأحسنت وأصابت. وفي كل شيء من ذلك لهم الأشعار المستحسنة، يطول ببعضها الكتاب، فتركتها اختصاراً.
ولابن الرومي كلام في الواصفين يأتي آخر هذا الباب إن شاء الله.
قال ابن الكلبي: أول من بكى الديار امرؤ القيس بن حارثة بن الحمام بن معاوية. وإياه عنى امرؤ القيس بن حجر [بقوله]:
يا صاحبي قفا النواعج ساعة ... نبكي الديار كما بكى ابن حمام