بلى حرف تردُّ به النفي وموضوع لكل إيجاب، وإقرار قَبْلَه جَحْد. ألا ترى أنك إذا قُلت ما فعلت فقال المجيب بلى قد فعلت أنه قد أوجب الفعل ببلى بعد ما نفى في أول كلامه، ومنه قوله-تعالى-: {أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ}. وبلى جواب لكلام فيه جحد، فإذا قال الرجل للرجل ألست تقوم؟ قال: بلى. قال الله - عز وجل-: {أَلَمْ يَاتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى} و {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} فإنما صارت بلى تتصل بالجحد لأنها رجوعٌ عن الجحد إلى التحقيق وهي بمنزكلة بل، وبل تأتي بعد الجحد بقولهم: ما قام أخوك بل أبوك، وما أكرمتُ أخاك بل أباك، فإذا قال الرجل للرجل ألا تقوم فقال: بلى، أراد أقوم فزاد الألف على بل ليحسن السكوت عليها لأنه لو قال: بل كان يتوقع كلاماً بعد بل فزاد الألف على بل ليزول عن المخاطب هذا التوهم. قال الله - عز وجل-: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً} ثم قال بعد {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً} فأتى بها بعد الجحد. وهي حرفٌ ١/ ٣٩٩ دالٌّ على الإقرار والرجوع عن الجحد فقط. والعرب توجبُ الشيء بعد نفيه ببلى فتقول: ما بقي من كذا وكذا شيء بلى كذا وكذا، فهذا إيجاب بعد نفي. قال الشاعر: