فإنهم قالوا: إنه يجوز التحري في الإنائين وإن كان عنده إناء طاهر بيقين، وعلى أنا سلمنا هذه المسألة، فنقول: إنما لم يجز التحرير في هذه الصورة، لأن وجود إناء طاهر عنده بيقين انتصب مانعاً من الاجتهاد مثل النص في الحادثة. فأما قوله:((إذا عدم ينعدم إلى خلف)).
قلنا: إنما يصار إلى الخلف إذا لم يمكن الوصول إلى الأصل وقد أمكن بالاجتهاد فصار كما لو أمكن بوجوه يقيناً، ويمكن أن يقال: إن الاجتهاد خلف عن النص في العمليات، فإذا كان عنده إناء بيقين قد بينا انه بمنزلة نص يوجد في الحادثة فإذا عدم فإنما عدم إلى خلف وهو الاجتهاد في الانائين فكما أن الأصل منع العدول إلى التيمم فخلفه يكون مانعاً أيضاً.
وأما الفصل الثاني: الذي ذكره من ترجيح جانب التيمم فليس بشيء، لأن اجتهاد لما أدى إلى أن هذا الماء طاهر وجب العمل به شرعاً صار جواز أنه نجس مطرحاً متروكاً، والتحق هذا الماء بسائر المياه الطاهرة فلا تثبت به نجاسة الأعضاء بوجه ما، وجواز أنه نجس لم يعتبر.
يبينه أن التحري دليل ظاهر، والماء الذي حكم بطهارته فظاهر فسقط جانب من التجوزات فيه أصلاً بدليل الماء يجده في الفلاة، والماء الذي بخبر الواحد أنه طاهر يجب استعماله، وسقط جواز أنه نجس، ثم يقال لهم: الترجيح لجانب التوضئ بالماء الذي يقع له أنه طاهر، لأنه إذا توضأ بالماء