للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي تحراه كانت صلاته بطهارة حقيقة من وجه ومتى تيمم كان صلاته بغير طهارة حقيقة من كل وجه فكان الترجيح لجانب الوضوء لا لجانب التيمم.

وعلى أنه يبطل جميع ما قالوه بما إذا كانت الغلبة للماء الطاهر، وعندهم الرجوع إلى مجرد الغلبة تمسك بمحض صورة، ويبطل بالقبلة.

وهذا لأن المجتهد قد تتكاثر عليه الأشباه في الحادثة الواحدة وإنما يأخذ بشبه واحد ويطرح سائرها، ولا فرق فيما يطرحه بين أن يكثر عدده وبين أن لا يكثر وقد تعلق مشايخهم بما لو كان عنده إناءان أحدهما بول والآخر ماء فإنه لا يتحرى.

وكذلك إذا اشتبهت الأجنبية بذات المحرم فإنه لا يتحرى في أمر النكاح. وكذلك على أصلنا في المسلوختين أحدهما ذكية والأخرى ميتة.

ونحن نقول: الاجتهاد إنما يجوز في محل الاجتهاد، وهذه المواضع ليست بمحل الاجتهاد بدليل أنه لا يجتهد وإن كانت الغلبة للماء في المسألة الأولى، وكذلك إذا كانت الغلبة للأجنبيات في المسألة الثانية والمذكيات في المسألة الثالثة.

وهذا لأنه لابد من النظر إلى الأصل ليكون الاجتهاد راداً له إلى أصله ويصير اجتهاده وتحريه فيما أدى إليه معتضداً بأصله الذي خلق له، والبول خلق على النجاسة والأبضاع في الأصل على الحرمة.

وكذلك المساليخ في الأصل على الحرمة حتى يتحقق شرط الحل من الذكاة فلم يصادف الاجتهاد في هذه المواضع محاله، لأن رده فيما يجتهده إلى أصله يوجب الحرمة لا الحل، بخلاف مسألتنا، فإن الماء في الأصل خلق طهوراً والتحري/ رد له إلى أصله فقد صادف الاجتهاد محله.

<<  <  ج: ص:  >  >>