وكذا في الملك مع البيع، وهذا لأن الأمر بالعبادة ليس لمعنى يرجع إلى المعبود، لأنه تعالى غنى عن جميع الناس، وإنما الأمر بالعبادة لنفع، لنفع العبد بالثواب، فحقيقة العبادة فعل مخصوص يعرف بموجبه وهو الثواب، ولا ثواب له بحال فلم يكن من أهلها.
قالوا: وهذا بخلاف السكران لأنه من أهل الثواب فإنه مسلم وكذلك الجنب والمحدث، فصارت الطهارة شرط الأداء لا شرط الوجوب فلم ينتف الوجوب بتراخي شرط الأداء.
وأما الإسلام فهو شرط الوجوب فإذا عدم الإسلام عدم الخطاب بالوجوب.
يبينه: أن الإسلام أصل والصلاة فرع، ولا يصلح الأصل شرطاً للفرع.
قالوا: ولا يجوز أن يقال إنا لو أسقطنا الخطاب عن المرتد لصار الكفر سبباً للتخفيف عنه، وهذا لا يجوز، وذلك لأن إسقاط الخطاب بالعبادة عن المرتد، وسائر الكفار ليس بطريق النظر والرحمة، مثل ما يسقط عن الصبيان نظراً لهم ومرحمة، ولكنا نسقط الخطاب بطريق الخزي والتنكيل، وذلك أنه بكفره ألحق نفسه بالبهائم والخطاب بالعبادة كرامة (فإن الله تعالى أكرم بني آدم بالتخليق ثم بالتأهيل لحمل الأمانة ثم بالتوفيق لأداء ما حمله ثم بالثواب الموعود)، فإذا سقط الخطاب عن الكفار بالعبادات، كان السقوط خزياً له وتنكيلاً له بحكم جنايته بالكفر، فكأنا ألحقناه بالبهائم بكفره وصرفنا عنه التكريم بالخطاب.
وأما عذاب الآخرة فلا تخفيف عنه لهذا السبب، لأنا لو قلنا لا عقوبة عليه بترك العبادات فالعقوبة متوجهة بتأخيره بترك الإسلام وارتكاب هذا