بعبادة على ما سبق بيانه، وأما اشتراط النية فيه فلم يكن لأنه عبادة بل كان لما رأينا أن التراب ليس بطهور في ذاته، وإنما صار طهوراً بالشرع، والشرع إنما جعله طهوراً عند إرادة الصلاة به، فإذا لم يرد لم يكن طهوراً.
وأما هاهنا فإن الصلاة عبادة، وقد بينا أنه ليس من أهل الخطاب/ بالعبادة يبينه: وهو أن العبادة فعل مقرب على الله تعالى فمن لا يعرف الله أو لا يكون من أهل التقريب إلى الله تعالى، كيف يكون محلاً للخطاب بالعبادة؟
وتعلقوا بقوله تعالى:{وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ}، وهذا اللفظ عام في كل عمل إلا ما يخصه الدليل.
الجواب:
إنه قولهم:((إنه ليس من أهل العبادة)). ليس كذلك بل هو من أهل العبادة بفطرته وخلقته، لأن خلق ليعبد ربه، ولأنه عبد من العباد، والعبادة تعبد فيكون له أهلية العباد.
وقولهم:((إن العبادة للثواب)).
قلنا: قد توجد العبادة بلا ثواب، بدليل أن النبي عليه السلام قال:((الغيبة تفطر الصائم))، ومعناه تلحقه بالمفطر لفقد ثواب الصوم ومع ذلك فإن صومه صحيح، وكذلك قال الله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ .....}.