ومعلوم أن المراياة تفوت ثواب الصلاة، ومع ذلك فإن صلاته صحيحة.
قالوا: فوات الثواب في هذين الموضعين بحكم مقابلة الوزر بالغيبة والمراياة لثواب الصلاة والصوم، وإذا تقابلا وتوازيا، صار الثواب كالعدم، ولم يكن لأجل فوات أهلية الثواب.
وأما في مسألتنا كان فوات الثواب لفقد الأهلية فسقط الخطاب.
قلنا: هذا كلام تقولونه في كثير من المواضع فلا تعرف صحته، والتقابل الذي يدعونه لا يعرف إلا بوحي، وقد أخبر النبي عليه السلام أنه لا ثواب للصائم المغتاب ومع ذلك قد صح صومه.
ويمكن أن يقال: إن صحة العبادة ليس من ضرورتها الثواب، ويجوز أن تصح العبادة من الشخص ولا يثاب عليه أصلاً، وهذا كلام طويل ذيله واسع مجاله، وليس من باب الفقه.
والأصح أن نوافقهم فيما ادعوه، لكن نقول: صحة الخطاب بالعبادة بإمكان التوصل، فإذا أمكن التوصل بوجه ما صح الخطاب.
وهذا لأن خطاب العبادة إذا كان الثواب، ولم يصح فعلها منه إلا بعد أن صار أهلاً للثواب استقام الخطاب بها ليؤديها بعد أن يأتي بشرط الإسلام، وهذا كالخطاب بأداء الصلاة فإنه متوجه على الجنب، وكذلك السكران، ولا يقال: إنه كيف يخاطب بالأداء من لا يصح منه الأداء، ولكن يقال: إنه مخاطب بأداء الصلاة ليؤديها بعد أن يعقل من السكر أو بعد أن يطهر من الجنابة فاستقام الخطاب بالأداء على هذا التقدير.
والحرف أن الثواب لما كان بالفعل ولا فعل إلا بعد الإسلام لم يمنع عدم أهلية الثواب من توجه الخطاب، وهذا بخلاف البهيمة، لأن خطابها مستحيل ولا وقت لوجود فعل العبادة منها بحال.