فإما أن تكون الآلة هو البدن مثل العبادات البدنية، وإما المال مثل اللوازم المالية، فإن كان بدنياً فلا التفات فيه إلى المال، وإن كان مالياً فلا يتعين له مال دون مال، لأن جميع الأموال في تصور الأداء به واحد فلا معنى لتعين محل واحد له، اللهم إلا أن يكون التعيين لمعنى لغرض مطلوب يطلبه الشرع من توثقه مؤدية إلى اختصاص باستيفاء وخلاص من مزاحمة لولاها لم يحصل به ذلك مثل الرهن فتعين له ذلك المال من وجه لا من وجه على ما عرف في كتاب الرهن. وإذا لم يتعين له محل فهلاك مال بعينه لا يوجب سقوطه بل يؤمر بالتوصل إلى الأداء بمال آخر، فإن وجد ولم يفعل لم يعذره الشرع، فإن لم يجد عذره الشرع رحمةً وتخفيفاً لقوله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}.
فأما تعلق الوجوب بأعيان الأموال فلا مطمع لأحد في تحقيقه وتصويره، ولئن قاله قائل فهو مجازف مباهت ولا كلام مع مثل هذا.
واستدل الأصحاب في أن الوجوب لا يلاقي المال أنه لو أدى الزكاة من مال آخر يجوز ولو تعلق بالعين لم يجز، ولتعين هذا المال له على التحتم واللزوم، وما ذكرناه من القاعدة مستغنية عن هذا الحكم، وسنذكر كلامهم عليه.
وقد سلك كثير من مشايخنا طريقة أخرى وهي:
أنه بالتأخير بعد التمكن آثم جان متعد فيضمن إذا هلك، كما لو منعه من الساعي ثم يهلك، والدليل على أنه جان وجوب إخراج الزكاة على الفور،