لأنها وظائف موظفة على السنين لدفع حوائج تتجدد للفقراء على مرور الأوقات والأزمان عليهم فإطلاق التأخير ليؤديها من عليه متى اختاره لا يجوز، لأن الحوائج إذا تعجلت والوظائف إذا تأخرت بطلت الإغراض ويموت المحاويج، وما أوجب لسد الحاجة فلا يوجب على وجه لا ينسد به الحاجة.
يبينه: أنه إذا جاز التأخير، والمنايا طوارق على الرجال، والنوائب على الأموال غوادي وروائح، وكل واحد منهم مسقط للزكاة لم يبق للوجوب أثر. فدل على أن الوجوب على الفور، وأنه جان متعد بالتأخير فيلحقه وبال جنايته ليبقى الحق عليه وإن هلك محل أدائه ليؤديه من محل آخر، ويجعل المال في حقه كالقائم فيلزمه الغرامة، مثل ما لو استهلك المال، وهذه طريقة جيدة يمكن تمشيتها، غير أن الاعتماد على الطريقة الأولى، والتحقيق فيها، وسنذكر كلامهم على الطريقة الثانية، ووجه الجواب عنه.
وأما حجتهم:
قالوا: الواجب جزء من المال فإذا هلك المال فلم يبق محل ليجب جزء منه فسقط الواجب لفوات المحل.
وربما يقولون: حق تعلق بعين المال فيسقط بهلاكه.
دليله: العبد الجاني إذا هلك، والدليل على أن الواجب جزء من المال النصوص من الكتاب والسنة مثل قوله تعالى: {فِى أَمْوَالِهِمْ