للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال لهم أولاً بطريق الجدل: لم لا يجوز إيجاب العبادة المحضة على الصبي؟ فإن تمسكوا بالصوم والصلاة فسنجيب عنه، وإن تعلقوا بقولهم: ((إن العبادة لا تحقق من الإنسان إلا بفعل يوجد منه)).

قلنا: نعم، ولكن يجوز أن يقام فعل غيره مقام فعله فيها ويجعل كأنه الفاعل لها. ألا ترى أنه لو أمر البالغ غيره بأداء الزكاة جاز وقام فعل النائب مقام فعله، وليس لهم على هذا إلا قولهم إن الاستنابة هناك كان باختيار من العبد.

لذلك نقول: العباد في فعل الشيء لا في الأمر به، ولكن قام فعل النائب مقام فعله فتحقق معنى العبادة، كذلك ههنا يقوم فعل الولي مقام فعل الصبي فيتحقق معنى العبادة، وهذا لأن المقصود من الأمر في كل موضع نفس وجود المأمور به، والمأمور به إخراج مال عن مال من عليه فإذا أطلقنا إخراج الزكاة من ماله سواء أكان بأمره أو بأمر الشرع أفاد الأمر، وإذا أفاد الأمر صح ونفذ. وأما الابتلاء لحكمة الأمر وصحة الأمر لا يكون به بل بإمكان المأمور فحسب، فإذا أمكن المأمور صح الأمر، فهذا جواب من حيث المجادلة في نهاية الحسن.

وأما الجواب من حيث الفقه بالمنع على ما سبق:

وحقيقته أن الزكاة حق الفقراء، ومعنى العبادة تبع مثل العشر وصدقة الفطر على ما سلموا، وإنما جعلنا حق الفقراء الزكاة حق الفقراء وأثبتنا فيها معنى العبادة بحسب قيام الدليل، لأن الدليل قد قام بكونها حقاً للفقراء على ما سبق، وقام الدليل أيضاً بثبوت معنى العبادة فيها، لأنها لما وجبت ابتداء، وقد اشتملت على شكر نعمة المال وفعلها بطلب التقرب إلى الله تعالى وتحصل رضاه كانت قربة، والعبادات قرب فتضمنت معنى العبادة من هذا الوجه ونظيره العشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>