أما الخبران الأولان فنقول: هذه الأشياء مباني الإسلام اعتقاد وجوب، وكذلك هي الإسلام باعتقاد الوجوب إلا أن تخصص هذه الأشياء كانت تشريفا لهاً، لأنها وجبت ابتداء من قبل الله تعالى من غير فعل سبق من العبد، وليس في جملة الأوامر من البدنية والمالية ما وجب ابتداء من قبل الله تعالى على العبد إلا هذه الأشياء، وهي مثل الإسلام وجب ابتداء من قبل الله تعالى على العبد ثم كون بعضها عبادة محضة أو حقاً للآدمي يكون بدليل يقوم عليه.
وأما قولهم:((إن الزكاة شكر نعمة المال)).
قلنا: وكونه للفقراء لا ينفي شكر نعمة المال، لأن شكر نعمة العبد لربه في امتثال أمره، وذلك يوجد سواء أكان الحق لله أو للفقير وعلى أنا جعلنا فيها معنى العبادة بهذا السبب على ما سبق.
وأما الصلاة والصوم لم يكن عبادة، لأنها شكر نعمة بل بدليل آخر:
وهو أن الصلاة محض تقرب إلى الله تعالى بالتخشع والتذلل، ومحض تعظيم له، ومثل هذا لا يستحقه سوى الله تعالى بل لا يجوز لغيره بحال.
أما في مسألتنا فالزكاة محض تمليك، وقد بينا أنه لا يصلح أن يكون حقاً لله تعالى على الخلوص.
يبينه: أن الصلاة لما كانت عبادة محضة لله تعالى لم يتصور أن يكون جنسها ومثلها للعبد، وفي مسألتنا قد تصور جنس الزكاة حقاً للعبد بدليل العشر وصدقة الفطر، دل على انقطاع المشابهة.
وكذلك الحج خارج على هذا.
وقد أجاب المشايخ عن الصلاة والصوم بالتفريق بالبدلية والمالية.
وقالوا: بدن الصبي ناقص ويكمل بالبلوغ وماله كامل من غير نقصان