ولهذا أثر السفر الذي يشعر بالمشقة بدناً في الصلاة والصوم ولم يؤثر في المال وهذا أحسن، إلا أنه على تسليم أن الزكاة عبادة محضة، فأما على الطريقة التي اخترناها بالتخريج بما قلنا، والحج قد خرج أيضاً على ما ذكرناه، وعلى طريقة المشايخ هو عبادة بدنية ويؤدي بالبدن وإنما انقلب في حق المغصوب إلى المال لعارض عجز فلا يعتبر ذلك مثل ما لا يعتبر انتقال الصوم إلى المال بعارض العجز، ولأنه يؤدي بدناً بكل حال، فإن النائب يؤديه بالبدن، لكنه استوجب عليه المال، وأما الزكاة تؤدي بالمال فانقطعت الشبهية بكل وجه، والمعتمد ما سبق.
وأما قولهم:((لا سبب ليجب الحق على الفقراء)).
قلنا: وجب ابتداء من قبل الله تعالى لا يطلب له سبب مؤثر، وعلى أن المواصلة ديناً سبب لهذه الصلة، والمواصلات تصلح سبباً لإيجاب الصلات. وأما ما ذكروا من الاعتراض على قولنا:((إن التمليك من/ الفقير من أنه مخرجها الزكاة مخرجها إلى الله تعالى ثم إلى الفقير)).
فنقول: هذا إثبات ترتيب لا يدل عليه نص ولا معنى، بل النص والمعنى دليلان على أنها حق العباد ابتداء على ما ذكرناه، وما ذكر من الكتاب والخبر، فالمراد من ذلك تحقيق القبول من الله تعالى، فأما أن تملك من الله تعالى ثم الفقير يملكه من قبل الله تعالى بالرزق الموعود، فهذا شيء لا يعرف.
وأما قولهم:((إنه إخراج إلى الله تعالى)).
قلنا: ليس الواجب إلا التمليك ولا يعرف للإخراج معنًى سوى هذا،