حاجة قضاء الدين أهم من حاجة اللبس والركوب، لأن تلك الحاجة يجوز التجاوز عنها وتزحية الوقت بما يدفعه، وهذه الحاجة لا يجوز التجاوز عنها بحال بل يجب تقديمها ويحرم التغاضي عنها، فإن قلتم:((إن إعداد ماله للسوم والتجارة دليل عدم الحاجة)).
فنقول: اشتغال ذمته بالدين دليل الحاجة فتعارض ظاهران، والأصل عدم الوجوب فلم يجب.
قالوا: ولا يلزم على الطريق الأول مسألة ابن السبيل والعامل حيث يحل لهما الصدقة وتجب عليهما الزكاة.
أما ابن السبيل فهو فقير يداً غنى ملكاً فصار كشخصين غنى وفقير فتجب عليه الزكاة لغناء بملكه، وتحل له الصدقة لفقره بيده، أما ههنا فملكه في يده فإذا كان غنياً فلا يتصور أن يكون فقيراً، لأن الغنى والفقر وصفان متضادان لا يجتمعان بحال، لأن أحدهما وصف وجودي والآخر وصف عدمي، فكما لا يجتمع العدم والوجود في شيء واحد لا يجتمع الفقر والغنى أيضاً، اللهم إلا أن يتفرق الوجود والعدم في مجلس، كما كان في ابن السبيل.
يبينه: أن عندكم في مسألتنا تحل له الصدقة في حال وجوب إعطاء الزكاة عليه ولا يتصور هذا في ابن السبيل، لأن حال ما يأخذ لا إعطاء عليه.
وأما العامل فمنع بعضهم فقال: لا يجوز إلا أن يكون فقيراً، وليس بشيء، والمذهب التسليم، والأول خرق الإجماع.