قالوا: وإذا كان القابض هو الفقير وحقه في مال مطلق احتجنا إلى أن نجعل حق الله تعالى في مال مطلق ليصح قبض الفقير، فإنما يقبض لله تعالى ما يقبضه لنفسه رزقاً له فيسقط حق الله تعالى في صورة الشاة لضرورة تحقيق قبض الفقير حق نفسه فصار حق الله تعالى مؤدى بمال مطلق بقبض الفقير ثم صار الفقير قابضاً، وهذا هو الأصل في كل حقين مختلفين يتأديان بقبض واحد فإنه يصير الحق الأول على وصف الحق الثاني ليتأدى حق الأول بقبض الثاني حقه.
ومثال هذا: رجل عليه مائة درهم لرجل وله على آخر كر حنطة أو عنده كر حنطة وديعة فقال للذي عليه الحنطة: اقض الدراهم التي على بما لي عليك من الحنطة، فإنه يصير مأموراً ببيع الحنطة بالدراهم حتى يمكن أداؤها إلى صاحب الدين وهو الدراهم، فقبض هو حق نفسه وحقه في الدراهم فثبت قبض صاحب الحنطة في ضمن قبضه حق نفسه وذلك إنما يتصور إذا كان حق صاحب الحنطة على وصف حقه فجعل الديون مأموراً ببيع الحنطة ليصير كذلك، فكذلك ههنا يثبت ما ادعيناه بالحقيقة والمثال، وربما قالوا على فصل التعليل: إنا لا نعلل حق الله تعالى إنما نعلل جانب حق الفقير وهو ما استحق من مال صالح لكفايته ويعدى معنى الصلاحية لكفايته إلى كل ما يكون في معناه.
قالوا: ولا يلزم صدقة الفطر، وذلك إذا أدى ربع صاع حنطة يساوي نصف صاع حنطة حيث لا يجوز عن النصف، فإنه إنما لم يجز لأنه لو جاز إنما جاز لقيمة الجودة، ولا يجوز أن تعتبر الجودة في هذا المد بدلاً عن مد آخر، لأن الجودة في مال الربا لا قيمة لها بانفرادها بخلاف ما لو أدى شاة سمينة في الزكاة فإنها تجوز عن شاتين، لأن الجودة في الشاة متقومة، فأما إذا أعطى نصف صاع تمر جيد عن شعير وسط أو بالعكس إنما لم يجز