للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن التمر والشعير والحنطة وإن كانت أجناساً مختلفة في سائر الأحكام، ولكن في صدقة الفطر كلها جنس واحد، لأن المعنى المطلوب من الكل واحد وهو دفع حاجة الفقير، وإذا صار الجنس جنساً واحداً في هذه الحكم بطلت نية التمييز، ولم تصح نية إقامة الحنطة مقام الشعير، لأن الكل شيء واحد، ومتى بطلت النية وقعت الحنطة عن نفسها والجودة لا قيمة لها فلا يجوز إلا عن القدر الذي أدى، ولا يلزم على العدد إذا أعطى ثوباً واحداً عشرة مساكين عن طعامهم في الكفارة حيث يجوز، لأن الطعام مع الكسوة جنسان مختلفان لاختلاف معنى المطلوب منهما، وأمكن صرف أحدهما إلى الآخر لتغايرهما.

قالوا: وأما إذا أعطى ثوباً واحداً عشرة مساكين عن كسوتهم وهو يساوي ذلك لا يجوز، لأن الكسوة في كفارة اليمين وجبت مطلقة غير مقيدة بالوسط فعلى أي وصف كان الثوب وقع عن نفسه فلم يمكن إقامة جودته مقام ثوب آخر، وليس كما لو أعطى شاة سمينة عن شاتين وسطين حيث يجوز، لأن الواجب الشاة هو الوسط بالنص، والجودة متقومة فيها فقدر الوسط وقع عن نفسه، وفضل الجودة المتقومة وقع عن شاة أخرى فهذا هو المعنى في المسائل.

وأما أصل القيمة فمجزية في صدقة الفطر بدليل أنه لو أعطى عن الصلع دراهماً أو دنانيراً فإنه يجوز عندنا.

قالوا: ولا يلزم الضحايا والهدايا والعتق حيث لا تجوز القيمة فيها، لأنا نسلم أن الحق متى وجب لله تعالى لا يجوز إبطاله بالتعليل، وكذلك حق العباد، ولكن ادعينا أن الله تعالى رضي بتغير حقه لما أمر بصرفه إلى الفقير، وفي الضحايا والهدايا حق الله غير مصروف إلى الفقير، لأن حق الله بتأدى بإراقة الدم لا بصرف اللحم إلى الفقير، وإنما أثبتنا رضا

<<  <  ج: ص:  >  >>