ثم قالوا: إن سلمنا أنه محظور الصوم والآخر نقيض الصوم لكن الجناية بهما واحد، فإذا جاز أن تجب الكفارة بارتكاب محظور الصوم جاز أن تجب بارتكاب نقيضه، لأن كل واحد منهما سبب لتفويت الصوم على وجه واحد، والجماعة في تفويت الصوم، وكما يوجد ترك الصوم ولا كفارة وذلك في الابتلاء فقد توجد مواقعة المحظور ولا كفارة، وذلك بالغيبة والوطء فيما دون الفرج.
وقد ألزموا مسألة المرتدة على ترك الصوم في الابتداء فإن ترك الإسلام من المرأة في الابتداء لا يوجب القتل وفي الدوام يوجب القتل على أصلكم.
قالوا:((وأما قول مشايخكم: إن الوطء متغلظ في نفسه فيمتاز عن غيره في الحكم))، فليس بشيء، لأن العبرة بالسبب الحاظر، والسبب الحاظر للكل واحد، وإذا اتحد السبب لابد أن يتحد الحظر، وإذا اتحد الحظر اتحدت الجناية، لأن الفعل صار جناية من حيث الحظرية.
قالوا: وأما الوطء في ملك الغير والتناول من ملك الغير إنما افترقنا في وجوب الحد، لأن الحد يندرئ بالشبهات، والزنا محرم لعينه فخلا من الشبهة، والأكل والشرب محرمان لا لعينهما بل لغيرهما وهو حق المالك، ألا ترى أنه إذا سقط حقه بالإذن أبيح، والوطء لا يباح وإن أذن المالك فيه.
قالوا: وأما الإحرام فإنما امتاز الوطء فيه عن غيره من المحظورات، لأن التحريم لمكان الارتفاق والاستمتاع، والارتفاق بالوطء أكثر منه بفعل سائر المحظورات.