وأما ههنا فإن قضاء الشهوة بالأكل أو الشرب مثل قضاء الشهوة بالوطء بل أكثر.
قالوا:((قولكم: إن اللذة في الوطء أكثر منها في الأكل والشرب)).
فليس بشيء، بل اللذة عند الجوع الصادق والعطش الصادق لا يكون دون اللذة عند شدة الشبق بالوطء، لأنه إن كانت اللذة هناك أكثر فالارتفاق ههنا أكثر، لأن قوام الحياة يحصل بهذا دون الوطء.
قالوا:((وقولكم: إن الأكل لا يخلو عن شبهة لوجود بعض ما لو لوجد كله أباح بخلاف الوطء)).
كلام في نهاية الضعف، لأن المبيح هو الضرورة، والضرورة تخوف الهلاك، ولا يتصور وجود خوف منها.
يدل عليه: أنه لو سرق طعاماً ليأكله يجب عليه القطع عندكم، ولو أخذ على هذه الصورة بالضرورة أبيح له ذلك، ومع ذلك لم يحكم بوجود شبهة في الصورة الأولى.
الجواب:
أما قوله:((إفطار كامل)).
قلنا: في اللفظ خلل، لأن الفطر إنما يصح وصفه بالكمال إذا كان يصح وصفه بالنقصان، والفطر في نفسه عبارة عن فوات الصوم بفعل من الصائم، والشيء إذا فات ففواته على وجه واحد لا يصح، يجوز أن يوصف بالكمال تارة وبالنقصان أخرى، وهذا كالأفعال الحسية متى وقعت يكون وقوعها على وجه واحد.
فإن قالوا: إذا تناول الحصاة أو النواة فهو إفطار ناقص، لأنه إفطار اسماً لا معنى من حيث أنه أكل صورة وليس بأكل معنى.