قالوا: وفي الإستيقاء إنه ليس بفطر حقيقة، لأن الفطر يكون بما يدخل لا بما يخرج وإنما أفطر به الشرع ولولا الشرع لم يحصل به فطر أصلاً.
قلنا: قد بينا أن الفطر هو تفويت الصوم بفعل يفعله الصائم، والشيء إذا فات لا يتصور أن يفوت من وجه دون وجه بل يفوت من كل وجه، وإذا فات من كل وجه يكون الفطر كاملاً ولا يكون ناقصاً.
وأما قولهم:((إن الكفارة كفارة الفطر)).
قلنا: لا، بل هو كفارة الوطء المفطر.
فإن قالوا:((نحن بينا تأثر الفطر، فبينوا أنتم تأثير الوطء)).
قلنا: وجه تأثيره أن الأصل في الشرع أن السبب إذا حرم الوطء وغيره يكون تأثير السبب في الوطء أكثر من تأثيره في غيره بدليل التحريم إذا كان لعدم الملك أو كان بالإحرام، وهذا لأن الوطء فعل متغلظ في نفسه ممتاز عن سائر الأفعال شرعاً، بدليل أنه لا يستباح بالإباحة وبدليل أنه يستحق به القتل، وبدليل أن العقد على استحقاقه يقف على شرائط لا يقف عليه عقد ما، وذلك لتغلظه في نفسه، هذا نهاية ما يمكن في تحقيق طريقة المشايخ.
وعذرهم عن فصل/ عدم الملك، ليس بشيء، لأنهم في عذرهم ادعوا أن في تناول مال الغير شبهة الإباحة، ولو كان كذلك لم يجب القطع بسرقة مال.
وقولهم:((إن الزنا محرم لعينه فلا تكون فيه شبهة)).
قلنا: لو كان محرماً لعينه لم يحل جنس الوطء بحال، بل الصحيح أن كلا الفعلين محرم بتحريم الشرع وإن كان السبب ملك الغير إلا أن الوطء لا يستباح بالإباحة لغلظه في نفسه، والأكل يستباح بالإباحة لخفة أمره،