وأما الذي اعتمدناه من أن الوطء مواقعة محظور والأكل والشرب مجرد ترك الصوم، فهي طريقة متينة محكمة.
وعندي أن الاعتماد عليها أولى، وقد ذكرنا وجه تقريرها.
وأما الغيبة والوطء فيما دون الفرج، فنحن لا نقول إن مواقعة كل محظور يوجب الكفارة، لأن المحظور والمحظور يجوز أن يختلف فيهما مقادير الجناية وعظمها وصغرها لكن ما يتعلق بالمحظور لا يتعلق بترك العبادة، لأن مواقعة المحظور مع فعل الصوم في حقيقته جناية على الصوم الذي هو عبادة، والترك ليس بجناية على العبادة، لأن ما مضى لا يتصور الجناية عليها وما بقي لم يفعله حتى يجني عليه وإنما مجرد ترك مأمور، وما لا يستدرك بالقياس إذا جاء وجوبه في موضع لا ينتقل إلى موضع آخر، لأن الجناية على العبادة إذا لم توجد في الأكل والشرب وتوجد في الوطء فيجوز أن توجب الجناية على العبادة بإفسادها ما لا يوجبه مجرد تركها من غير جنابة عليها وهذا ظاهر.
وأما فصل المرتدة فقد بينا في ربع القصاص أن الكفر ابتداء وعوداً بالردة موجب للقتل في حق المرأة، كما يوجب كفر الرجل إلا أنه في حق الكافرة الأصلية قدمت عقوبة أخرى على عقوبة القتل بدليل قام عليه، ولم يوجد في حق المرتدة مثل ذلك الدليل فتعين القتل، والله أعلم.