ولما تصور الركن وهو بالجنون لم يخرج من أهلية العبادة صح الصوم منه كما يصح من النائم والمغمى عليه.
والدليل على أنه لم يخرج من أهلية العبادة أنه مؤمن والمؤمن من أهل تعبد الله تعالى، ولأنه أهل الجنة، والجنة جزاء العبادة) فإذا كان من أهل موجب العبادة كان من أهل العبادة.
قالوا: وكذلك إذا أفاق في بعض الشهر وجب عليه قضاء ما مضى لما بينا أن الوجوب قد سبق، والجنون إنما تأثيره في منع خطاب الأداء وتأخير خطاب الأداء غير مانع من الوجوب، لأن خطاب الأداء يجوز أن يتأخر عن الوجوب كما بينا في المغمى عليه والنائم، وكذلك الحائض في حق الصوم، وهذا لأن الوجوب يستدعي فائدة ليتحقق في نفسه.
وخطاب الأداء سواء اتصل بزمان الوجوب أو تأخر فالفائدة قد تحققت واستقام تحقيق الوجوب مع تأخر خطاب الأداء ثم أفاق وقدر على الأداء فالآن يتوجه خطاب الأداء للواجب السابق بمنزلة المغمى عليه سواء.
هذه جملة كلامهم في هذه المسألة ذكرناها مع زيادة بسط، لأنه كلام يحتاج إليه في هذه المسألة، ويدخل أيضاً في مسائل كثيرة فاحتاج إلى زيادة بسط وشرح ليوقف على حقيقته.
قالوا:(وأما الخبر فهو حجة عليكم، لأنه جمع بين الصبي والمجنون والنائم وأثبت فيهم رفعاً واحداً فيجب أن يكون حكمه فيه متفقاً ثم النوم أخر الأداء حتى لم يأثم بتركه ولم يسقط أصل الوجوب فكذلك الصبي والمجنون).